وثقت مجلة ذاكرة مصر المعاصرة الصادرة عن مكتبة الإسكندرية, في عددها الرابع, لحياة المصور والمخترع المصري أوهان, الذي يعتبر علامة بارزة في تاريخ التصوير السينمائي,
في قصة كتبها وقدمها سعيد شيمي. وتشير المجلة إلي أن أوهانيس هاجوب كوستنيان الشهير بأوهان ولد في الثامن من يناير عام31913 في حي باب الشعرية الشعبي بالقاهرة من أبوين مصريين من أصول أرمينية. ألحقه والده بمدرسة الفرير, بالرغم من وجود مدرسة للأرمن في بولاق, فتعلم بجانب العربية اللغات الفرنسية والانجليزية, وبالطبع اللغة الأرمينية في منزله. وظهرت مواهب أوهان في سن مبكرة بالعبث بالآلات وفكها ثم تركيبها مرة أخري, وفي سن الثامنة ذهب مع عائلته لأول مرة لدار السينما, وانبهر بما شاهد, وفي سن العاشرة, قام أوهان بتفكيك آلة عرض صغيرة للهواة من مقاس 9,5 مللي, ودراستها واستلهام كيفية عملها, ثم صنع واحدة مثلها بإمكانياته المتواضعة بالصفيح والسلك واللمبة الكهربائية وعدسة بسيطة, كما قام في سن الرابعة عشرة باستكشاف كيفية عمل كاميرا سينمائية للهواة. أحضرها لمصر قريب لوالدته سلح أوهان نفسه بالمعرفة من خلال مجموعة كبيرة من المجلات الأجنبية الفنية في الآلات والتجارب العملية المختلفة. حتي تمكن وهو في سن الثانية والعشرين من صناعة كاميرا للتصوير السينمائي مقاس35 مللي للمحترفين, وكان ذلك عام1935 في الإسكندرية التي انتقل إليها مع أسرته, وذهب إلي استوديو الفيزي, وهو أعرق استوديو سينمائي في الثغر, وعرض علي صاحبه السينمائي المشهور الفيزي أورفانيللي الكاميرا لشرائها بمبلغ أقل بكثير من نظيرتها المستوردة, أعجب أورفانيللي بالكاميرا وحماس الشاب وطلب منه أن يصنع له كاميرا أخري جديدة ويضيف لها الصوت علي أن يتحمل التكاليف.
ويقول شيمي إن أوهان بدأ مشوارا صعبا وطويلا في تصنيع كل مايدور من آلات خاصة بالسينما, هذا بالإضافة إلي الحلم الذي لم يتنازل عنه أبدا بإنشاء استوديو سينمائي متكامل مثل ستوديو مصر الذي أنشأه الاقتصادي طلعت حرب في ضاحية الجيزة عام 1935, وكانت صناعة السينما في هذا الزمن من ضرورياتها أن يتم العمل بالكامل داخل جدار الاستوديوهات,وعند ضرب الإسكندرية بالقنابل الألمانية إبان الحرب العالمية الثانية, هاجر أغلب السينمائيين هناك إلي القاهرة, وكان أوهان منهم, حيث أقنع الفنان نجيب الريحان والكاتب بديع خيري بإنشاء استوديو سينمائي خاص بهما, خاصة أن أسهم الريحاني كانت في صعود, علي أن يقوم أوهان بتصنيع كل شيء في هذا الاستوديو, إلا أن المشروع لم ير النور. وتكررت محاولات إنشاء ستوديو إلي أن سنحت الفرصة بالتعاون مع أهم منتج وموزع سينمائي وقتها, هو ميشيل تلحمي, الذي وافق علي الفكرة وأشرك معه صاحب الأرض بالهرم التي سيقام عليها ستوديو الخواجة إيفانسيل أفراموسيس. ولظروف الحرب لم يمكن استيراد أي شيء من الخارج, ولكن في عدة أيام قليلة قام أوهان بعمل نموذج مصغر لاستوديو الأهرام وذهب به إلي تلحمي, وقام خلال ثمانية شهور ببناء الاستوديو وتخطيطه وتصنيع كافة معداته وكان باكورة إنتاج الاستوديو فيلم عنتر وعبلة إخراج الرائد نيازي مصطفي وبطولة كوكا وسراج منير.